الخميس , 21 نوفمبر 2024 - 9:36 صباحاً

مقالة للناقدة سامية عرموش

فيلم «ما تيجي نرقص» ما بين التحرر من الرتابة الزوجية والمسلّمات المجتمعية!

صورة من الفيلم - بلُطف عن الشبكة

صورة من الفيلم - بلُطف عن الشبكة

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

سامية عرموش

تتسم أفلام المخرجة المصرية المثيرة للجدل "إيناس الدغيدي" بالجرأة إلى حد ربما يخلق النفور عند المشاهد، ونكرانه لوجود الظواهر والمظاهر المطروحة على الشاشة.

وقد خاطبت الدغيدي من خلال أفلامها، جهاز القضاء وشرائح المجتمع المصري، ووضعت الحقيقة المرة بمختلف المضامير على مرأى من الجميع بدون أي محاولة منها لتجميل الواقع!

فمن أول أفلامها الروائية الطويلة "عفواً أيها القانون" (1985)، والذي طرح بقوة شديدة قضية ازدواجية المجتمع والقضاء المصري فيما يخص القتل تحت ما يسمى شرف العائلة، وبخاصة عندما يكون القتل من قبل المرأة لزوجها! نراها فيما بعد تقدم لنا موقفاً آخر مختلفاً ومهماً في فيلمها " قضية سميحة بدران" (1990)، و الذي ناقش قضايا الفساد المالي و الغذائي الذي يمارسه بعض ممن يطلقون على أنفسهم رجال أعمال، ثم نرى موقفها المهم في فيلم "لحم رخيص"1995، الذي ناقش قضايا زواج المصريات، أو بالأحرى بيع المصريات للعرب وتدعيرهن تحت مسمى الزواج لمن يدفع أكثر! (الحوار المتمدن، 2007).

استمرت الدغيدي في معالجة العديد من المظاهر الاجتماعية، وناصرت النساء في قضايا عدة. ولكن في الحين نفسه عُرفت كصاحبة أكثر التصريحات جرأة واستفزازاً، وذلك بعد ان دعت في إحدى حواراتها الى ترخيص دور الدعارة في مصر! الشيء الذي قوبل بالهجوم عليها وعلى أعمالها التي وصفت بعضها بالرديئة والإباحية.

ومن الأعمال التي طرحت موضوعاً اجتماعياً وأسرياً ملحاً فيلم "ما تيجي نرقص" (2006) ، وهو فيلم مقتبس من الفيلم الأمريكي «Shall We Dance»، (2004)، وتدور أحداثه  حول أمراه في عقدها الرابع ، تعاني من الملل في حياتها على المستوى الشخصي في بيتها مع زوجها، وعلى المستوى المهني في عملها، وفجأة اكتشفت أن الرقص هو الشيء الذي قد يساعدها على تخطي هذه المحنة لتشترك فيما بعد في  مسابقة للرقص دون علم زوجها.

وجسد الفيلم الأمريكي كل من ريتشارد جير، جينيفر لوبيز، أما الفيلم العربي جسده كلّ من يسرا، عزت بوعوف، تامر هجرس، هالة صدقي، إيمى، طلعت زين.

وأبدعت الممثلة يسرا والتي تعتبر إحدى صديقات الدغيدي المقربات، بنقل الثقل والرتابة في العلاقة الزوجية من خلال أدائها المميز، وذلك بمختلف المشاهد، منها شعورها الدائم بضيق النفس، مظهرها الروتيني والبائس في آن، تعاملها مع زوجها، وبعد.

كما أن اللقاءات بينها وبين زوجها (خالد) الذي أدى دوره الممثل الراحل عزت أبو عوف، قد عكست مدى الخلل والروتين القاتل في العلاقة بينهما. إلى أن اكتشفت الزوجة سلوى/يسرا، وهي محامية في دورها، عن طريق الصدفة مدرسة الرقص القائمة في نفس بناية شركتها.. الأمر الذي جذبها وشكل مدخلاً لها إلى هذا العالم الذي أحدث تغييراً كلياً في حياتها على مختلف الأصعدة.

والمثير أن الذي الزوج ذكر في إحدى المشاهد أنه يخجل من أن يرقص مع زوجته في إحدى المناسبات التي شاركت الأسرة بها، حتى لا يسخر منه المجتمع، تحدى نفسه وزوجته ورقص معها في مسابقة الرقص، وبذلك وضع حداً لسلطة وتحكم المجتمع في حياة الأفراد، وبهذا ينتهي الفيلم وقد خرج الاثنان من دائرة الرتابة والخنوع إلى دائرة التحرر والحركة والتجدد.

 

فيلم جميل أنصح بمشاهدته.

 

 

الكاتبة هي: صحافية وناقدة سينمائيّة، محاضرة مُستقلّة في موضوع السينما كأداة للتّغيير الاجتماعيّ، حاصلة على ماجستير بدرجة امتياز في موضوع "ثقافة السينما" من جامعة حيفا.

×