الخميس , 28 مارس 2024 - 9:53 مساءً

المجتمع العربي بين سندان العنف ومطرقة الكورونا.

المجتمع العربي بين سندان العنف ومطرقة الكورونا.

المجتمع العربي بين سندان العنف ومطرقة الكورونا.

المجتمع العربي بين سندان العنف ومطرقة الكورونا.

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

بقلم :د. محمد حيدر. 
__
في بحث ٱجري في الأسابيع الأخيرة في جامعة تل أبيب في كلية علم النفس والمجتمع ضمن فريق البحث التابع للدكتورة شيرا بيچورك حول تأثير جائحة كورونا على نفسية المجتمع العربي.
من معطيات ونتائج البحث الذي شمل 665 رجل وامرأة من كبار السن الذين ملأوا استبيان عبر شبكة الإنترنت اتضح أن  15.2٪ منهم تقريبا مَر في أزمة نفسية حادة  وأن  43٪ من اصل 665 تقريبا
بلغوا عن تعرضهم لأكثر من خسارة واحدة بسبب الكورونا إما  في الصحة أو الشؤون المالية، المهنة أو العلاقات الشخصية.
أظهرت التحليلات أن الخسارات كانت متعلقه بشكل مباشر بدرجة ظهور الاكتئاب، وتلخص الباحثة قولها أن لدى العرب كأقلية قومية في إسرائيل شعور واضح بالاستبعاد الاجتماعي والتمييز والحرمان الاجتماعي والمادي من الموارد ، وهو ما يرتبط بضعفهم في مواجهة الأزمات. 

نعم سيدتي إن المجتمع العربي يعيش استبعادا اجتماعيا وتمييزا وحرمانا اجتماعيا وماديا ولكن هذا ليس شعورا وأنما حقائق. 

جائحة الكورونا علمتنا أن مجتمعنا العربي يفتقر للعديد من الأمور وأهمها التثقيف الصحي وهنا يقع اللوم  أولا على الدوائر الحكومية المسؤولة عن هذا المجال وأهمها وزارة الصحة والأطقم الطبية التي رفعت يديها واستسلمت مُبكرا في حرب أقل ما يقال عنها إنها إباده، بالإضافة الى التفاعل الاجتماعي الضعيف جدا لهذه اللقاءات الصحية إن وجِدت.
على التثقيق الصحي أن يشمل  المعلومات الصحية، والتي يجب أن تكون صحيحة ومثبتة علميا، مفهومة وسهلة وخالية من  التعقيدات وتراعي المستوى التعليمي والثقافي للشخص المتلقي حتى تحقق الرسالة الهدف المرجو منها وهذا ما نفتقره للأسف الشديد. 
أضف إلى ذلك أن الأطقم الطبية تفتقر الى المُثقِف الصحي المثالي الذي يجب أن يكون شخصا مدربا كما يجب وأن يتمتع بقدرته على إيصال المعلومات بطريقة سهلة ومبسطة.
 ينبغي أيضا أن يكون المثقف الصحي مؤمنا برسالته التي يريد توصيلها إلى الآخرين حتى يسهل عليه إقناعهم بها  وعليه أن يكون على دراية ومعرفة تامة بالرسالة، وذلك لكي يكون مستعدا للإجابة على أي سؤال يتم توجيهه إليه من الجمهور المتلقي. 
هذه هي المُركبات وغيرها (لن أطيل سردها بهذا المقال) يفتقر لها مجتمعنا، وللأسف أدى هذا الأمر إلى شعور بالضياع بكل ما يتعلق بموضوع الكورونا. 

بالرغم من ازدياد عدد الطواقم الطبية في المجتمع العربي بجميع المجالات إلا أن المعطيات الاخيرة حول الصحة العامة في المجتمع العربي في تدنٍّ مستمر. هذا يُفسر ويعود لعدة أسباب منها ما تم ذكره آنفًا بما يتعلق بالتثقيف الصحي بالاضافه إلى تعامل صناديق المرضى  مع المجتمع كأرقام وليس كحالات مرضية بحاجه الى عناية ومتابعة. 

يا سيدتي إن مجتمعنا يعاني الأمَرين، فمن جهة يعاني اكتئاب الكورونا، ومن جهة اخرى يعاني  من مشكلة العنف والقتل المتفشي في مجتمعنا ويقلع ورود وزهرات  من حديقة شبابنا. كل هذا يعود 
إلى تراكم الشعور بالإحباطِ، وتدنّي مستوى ثقة الفرد بنفسه خاصة مع ازدياد حالات القتل غير المبرر (إن صح التعبير)  وهذا بدوره يؤدي الى عجز الفردِ عن مواجهة مشاكله وحلِّها والتخلُّص منها، ناهيك عن  نزعة التحرُّرِ من السُّلطة التي فقدت مصداقيتها وسيطرتها في المجتمع العربي، الأمر الذي أدى الى الرغبة في الاستقلالية وحل المشاكل بقوة السلاح وليس بقوة العقل. 

يا سيدتي الفاضلة إن معطيات بحثك عبارة عن حقيقة مُرة يعيشها المجتمع العربي كل يوم، والأمل الوحيد هو أن يعي مجتمعنا أن ليس لنا خلاص من كل هذه الأزمات إلا بالتكاتف والتعاضد المجتمعي، عندها سنرى النور وسنحيا بسعادة.

×