الجمعة , 18 أكتوبر 2024 - 9:21 صباحاً

عندما تدفعك السينما للتسلح بالأمل : "joy" تعلمنا كيف نحارب الخيبات بالإصرار والثبات!

عندما تدفعك السينما للتسلح بالأمل

عندما تدفعك السينما للتسلح بالأمل : joy تعلمنا كيف نحارب الخيبات بالإصرار والثبات!

عندما تدفعك السينما للتسلح بالأمل : "joy" تعلمنا كيف نحارب الخيبات بالإصرار والثبات!

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

كتبت: سامية عرموش

 

 

كل شيء أعرفه تعلّمته من الأفلام.”  كانت هذه مقولة الفنانة أودري هيبورن الحاصلة على جائزة أوسكار عام 1954، وهي إشارة لأهمية السينما كأداة ومحرك للتغيير وبالتالي للتعليمفهي ليست للمتعة فقط، فمن الممكن أن يخرج الفيلم برسالة مباشرة أو غير مباشرة تدفعنا نحو التفكير في أمور كثيرة سواء شخصية أو عامة، منها التي قد تحبطنا ومنها التي حتماً ستحفزنا وتحثنا للعمل نحو التغيير الشخصي والعام على السواء.

فالنجاح هو نتاج تجارب والتغلب على التراكمات، هو التسلح بالأمل مهما عصفت رياح اليأس والفشل، هو الإصرار والمثابرة رغم التحديات التي قد تواجهنا وتتعبنا، فها هي "جوي" تتغلب على جميع المحبطات التي كادت أن تفشل تقدمها، وبعد الاستسلام بلحظة صرخت ابنتها الصغيرة في وجهها ولعلها كانت تمثل صوت "جوي" المتمرد والحالم في الصغر، قائلة لها: "لا تنسي ما قالت ميمي (جدة جوي)، لقد خُلقت لتنجحي"،  وكانت هذه الجملة الحاسمة والفارقة في الفيلم، والتي حولت إيقاع أحداثه من الرتابة إلى الإصرار على النجاح.

فيلم "joy"  الصادر في عام 2015، مُقتبس عن قصة حقيقية لسيدة أعمال إيطالية أمريكية تُدعى جوي مانجانو، ويحكي عن "جوي" الفتاة التي تملك من الأحلام ما هو أعلى من سقف التوقعات، لذا وبعد الكثير من التجارب الفاشلة التي خاضتها بحياتها، تُقرر أن تُطارد النجاح وتسعى خلف الثراء والشُهرة من خلال إصرارها على فتح أعين العالم على اختراعها الذي سيُغير حياة النساء جميعهن وفقاً لقناعاتها كأم عاملة، إذ اخترعت "جوي" ممسحة لا تقوم فقط بالتنظيف، لكنها تنجح كذلك في الحَد من استهلاك طاقة النساء النفسية والجسدية، المبذولة يومياً بين أعمال المنزل والالتزامات الأخرى التي لديهن.

ولأن العالم لا يتقن ثقافة الإطراء والتشجيع، ولا يفتح ذراعيه طوال الوقت لمُستحقي النجاح، تتضافر الظروف مُعظم الوقت ضدها، فتضطر إلى المُحاربة باتجاهات عديدة من أجل الوصول إلى الحلم الذي رأت نفسها تُحققه منذ طفولتها.

"joy"  من تأليف وإخراج ديفيد أوراسيل، وشارك النجمين جنيفر لورانس وبرادلى كوبر بطولة الفيلم كل من روبيرت دى نيرو وفيرجينيا مادسن وإليزابيث روهم ودونا ميللز، وقد فاز بجائزة غولدن غلوب، كما أن بطلته رُشحت مرات عدة لنيل جائزة أوسكار على أدائها.

وتمكّن الفيلم من خلال أحداثه ومَشاهده المختلفة من نقل عدة رسائل مهمة حسب رأيي، منها وحسب تسلسل ظهور المَشاهد:

  • الإرادة هي ركيزة النجاح (إرادة الممثلة العنيدة).
  • التشابك الأسري والمهني (المشاهد التي استعرضت تكاتف وتلاحم أسرتها وصديقتها وزوجها السابق معها، ومدير التلفزيون).
  • انجز ما يخصك بنفسك (مشهد تقديم اختراعها عبر التلفاز بعد أن فشل المقدم بتسويقه).
  • تسجيل وإبراز الإنجازات (مشهد سرقة براءة الاختراع منها).
  • اختيار الشركاء بعناية. (المصنع الذي صنع المماسح وغشها).
  • عدم التخلي عن الطفل العنيد والمحب للنجاح والتجربة في داخلنا (المشهد الذي تنازلت فيه عن حلمها وصرخت ابنتها بأن عليها ألا تستسلم).
  • عدم الاستسلام مهما عصفت الظروف (مشهد ظهر فيه والدها وزوجته بعد الإفراج عنها).

مشهد أحببته جدّاً:

عندما ترفض "جوي" أن تظهر، لأول مرة، على الشاشة بمظهر لا يناسبها من حيث الشكل والقناعات الشخصية، وتطلب من مدير القناة تبديل ثيابها وتسريحتها والظهور كما تحب وتؤمن، وهذا ما حدث. هذا المشهد كفيل بأن يعزز ثقتنا بأنفسنا وبرسالة كل منا، وعدم الانصياع إلى طرق وأساليب يضعها الآخر أمامنا بحجة النجاح.

مشهد قد يثير الجدل:

عندما قصّت "جوي" شعرها وارتدت ملابس ونظارة وغدت كالرجال في مظهرها ومشيتها وحتى مخاطبتها للمحامي، وذلك بعدما قررت عدم الرضوخ والمحاربة حتى نيل حقها وإثبات نفسها، وكأنها رسالة المخرج أو المجتمع، والتي تلمّح بأن نجاحك في الغابة الذكورية يتطلب منك التنازل عن شخصيتك الأنثوية والتمثّل في بعض الحالات بالرجال، فنرى بعد نجاحها أنها تعود إلى نفسها مع نفس التسريحة والمظهر التي رأيناها بهما خلال الفيلم.

 

الكاتبة هي: صحافية وناقدة سينمائيّة، محاضرة مُستقلّة في موضوع السينما كأداة للتّغيير الاجتماعيّ، حاصلة على ماجستير بدرجة امتياز في موضوع "ثقافة السينما" من جامعة حيفا.

 

×