"أحلام ريم": إبداع فلسطيني يضيء شاشاتنا ويحتفي بمواهب أطفالنا

الصورة تجمع مخرجة الفيلم مع عدد من الفنانات والصحفية سامية عرموش
كتبت: سامية عرموش
في خطوة سينمائية فارقة تُبشر بمستقبل مشرق للإنتاج الفني المحلي، احتضن مسرح سرد في مدينة حيفا العرض الخاص لفيلم الأطفال الروائي الطويل "أحلام ريم". هذا العمل الفني المُلهم هو من إخراج وكتابة وإنتاج الفنانة الفلسطينية المتميزة فاطمة الخطيب، ابنة قرية كفركنا. وقد انطلقت مؤخراً جولة عروض الفيلم في صالات السينما في البلاد، حاملاً معه رسالة إيجابية ومُحتفياً بالطاقات الإبداعية الكامنة في أطفالنا. هذا العمل صُنِع بعناية على مدار أربعة أشهر، ليكون تجربة سينمائية عربية بمعايير عالمية في الداخل الفلسطيني.
"أحلام ريم" ليس مجرد فيلم، بل هو تجسيد لرؤية فنية عميقة تهدف إلى تقديم محتوى إيجابي ومغاير للأعمال التقليدية الموجهة للصغار. المخرجة فاطمة الخطيب، التي لطالما كان فريقها رائدًا في الإنجازات، عبّرت عن فخرها بهذا العمل، مؤكدة سعيها لتقديم الأفضل. جاءت فكرة الفيلم كاستجابة واعية لما وصفته بـ"انتشار الفن السطحي"؛ حيث أرادت فاطمة الخطيب أن تقدم عملاً فنياً راقياً وعميقاً وذا جودة عالمية للأطفال، ليكون بديلاً إيجابياً ومحتفياً بالمواهب الحقيقية للأطفال، بدلاً من المحتوى الذي تراه تافهاً أو لا يقدم أي قيمة فنية أو تربوية. وتؤكد الخطيب على أهمية هذا العمل الفني في الداخل الفلسطيني لأنه يمنح الأطفال فرصة لإظهار مواهبهم الحقيقية ويعكس الطاقات والإمكانات الفنية الكامنة في أطفالنا المحليين.
يُسلط الفيلم الضوء بقوة على المواهب المحلية، حيث تم اختيار أبطاله من مجموعة استثنائية من المواهب الواعدة من مختلف البلدات والقرى مثل الناصرة، عين ماهل، الرينة، الزرازير، كفر كنا، كفر مندا، وطمرة. تشهد الخطيب على تألقهم قائلة: "ستشاهدون أداءً لم تعتادوه في أعمال سينمائية سابقة". يتميز "أحلام ريم" بتركيزه على الطفولة بشكل إيجابي، مبتعدًا عن السرديات التي تركز على الألم والمعاناة. إنه يقدم عالماً خيالياً ساحراً، بلمسة من أجواء برامج السبعينيات، ليأخذ الأطفال في رحلة مختلفة تمامًا ومُلهمة.
القصة والإنجازات: رحلة مُبهرة نحو العالمية
يروي الفيلم قصة الطفلة ريم، القارئة الناهمة التي تزور في أحلامها أماكن ساحرة. في مواجهة مديرة ملجأ "شريرة" (أدت دورها ببراعة الفنانة والمعلمة المسرحية دعاء ذياب من طمرة)، يتمكن الأطفال من الهروب إلى هذا المكان الساحر. هناك، تتمكن ريم من العثور على الريشة السحرية التي تمنحهم القدرة على كتابة نهاية قصتهم كما يحلو لهم. وهذه رسالة جوهرية حول قدرة الأطفال على صنع مصيرهم والإيمان بأحلامهم.
ويأتي هذا السرد مُعززاً ببعد رمزي عميق يتجلى في إحدى اللقطات الأولى في الفيلم، حيث تظهر ريم وهي تنظر من خلف القضبان. هذه الصورة البصرية القوية توحي بـالقيود التي قد يواجهها الخيال البريء في عالم الواقع، والتوق إلى الحرية والانطلاق الذي لا يمكن تحقيقه إلا في فضاء الأحلام اللامحدود. إنها ليست مجرد لقطة جمالية، بل إشارة بليغة إلى صراع الطفولة بين محدودية البيئة المحيطة واتساع الأحلام والطموحات، وربما دعوة للتأمل في العوائق التي تواجه أطفالنا في سعيهم للتحليق.
وقد حقق الفيلم إنجازًا يُعتز به، حيث يواصل رحلته المُلهمة وصولاً إلى النهائيات في مهرجان ابن جرير السينمائي بالمغرب، وتم اختياره ضمن أفضل أربع أفلام روائية طويلة متأهلة للنهائي، من بين أكثر من 160 فيلمًا.
أسماء المشاركين: إبداع جماعي يضيء الشاشة
جمالية الفيلم وانسيابه تعود لجهد فريق عمل مبدع شمل:
-
المخرجة والمنتجة وكاتبة السيناريو: فاطمة الخطيب.
-
التصوير والمنتاج والألوان: فراس نداّف.
-
الصوت والإضاءة والجرافيكا: ديب عموري، إيهاب عبيد، وورد جرايسي.
-
الأزياء: ستايل مميز مستوحى من الرسوم المتحركة بلمسة فيكتورية.
-
الأداء: بجانب دعاء ذياب ومحمد زيدان، تألق نجوم الفيلم الصغار: سوار أبو ليل، لميس يونس، روز أمين، لمار دقدوقي، ليان طباجه، مينا سعيد، عبادة عواوده، يوسف مزاريب، غيداء خطيب، ليلى خطيب، زينب نصرة، منه أبو ليل، ماسه أبو ناجي، لين حبيب الله، وريم زريقي.
إن "أحلام ريم" هو فيلم رائع، يُعد بمثابة قصة مصورة ساحرة تنبض بالحياة، ونشجع بشدة على متابعة مواعيد عروضه والحضور مع الأطفال لتعزيز الذائقة الفنية لديهم ودعم هذا الإنتاج الفلسطيني الهادف الذي يثبت أن مواهب أطفالنا تستحق أن تُضاء شاشاتها بأجمل القصص.