الجمعة , 20 يونيو 2025 - 7:11 صباحاً

السينما والحرب: شاشات لا تمل من ساحات القتال

الصورة بلطف عن الشبكة

الصورة بلطف عن الشبكة

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

كتبت: سامية عرموش

بينما تتصاعد نيران الصراع في الشرق الأوسط، وتخوض إسرائيل وإيران صراعًا مسلحًا بدأ في 13 يونيو 2025، تتجلى حقيقة أن الحروب لا تقتصر على ساحات القتال. ففي خضم هذه الأحداث، تظل صالات السينما قبلة للجماهير، تعرض حروباً من نوع آخر، تجذب المشاهدين وتدفعهم للتفاعل معها بعمق. إنها أفلام الحرب، التي لطالما كانت مادة خصبة وجاذبة، تتناول أكثر المواضيع إيلاماً وتقدم قصصاً مؤثرة عن أهوال المعارك والفقد والتضحية. ورغم التحديات الراهنة التي تواجهها دور العرض بشكل عام، من منافسة خدمات البث المنزلي وارتفاع تكلفة التجربة السينمائية، إلا أن هذا النوع من الأفلام يمتلك جاذبية خاصة تدفع الجمهور إلى الشاشة الكبيرة.

- السينما: ساحة لإثارة العواطف والربح -

تمتلك أفلام الحرب قدرة فريدة على إثارة مشاعر الحزن العميق بسبب وحشية المشاهد المستوحاة من أحداث حقيقية، أو تأثرًا بالإنسانية التي تُرى في قلب الصراع. من هنا، أصبحت هذه الأفلام عنصرًا أساسيًا في صناعة السينما، فالحرب العالمية الثانية، على سبيل المثال، لا تزال ثيمة مغرية للمخرجين، رغم مرور عقود على انتهائها. أفلام مثل "أجمل سنوات حياتنا" و"جسر على نهر كواي" و"كازابلانكا" ليست سوى أمثلة قليلة على أعمال أيقونية أنتجت مستوحاة من تلك الفترة، مظهرة كيف يمكن للسينما أن تحول المآسي إلى قصص ملهمة ومؤثرة.

جاذبية هذه الأفلام لا تزال كبيرة، رغم أن دور العرض تواجه تحديات عامة في استقطاب الجماهير. فالمشاهدون لم يملوا من رؤية تضحيات الجنود والقصص الأليمة على الشاشة، وهو ما يدفع المنتجين إلى ضخ الأفلام الرائجة، وإعادة تدوير الأفكار المربحة. وقد برزت في العقود الثلاثة الأخيرة أفلام ضخمة كـ "Kingdom of Heaven"، "Braveheart"، "Saving Private Ryan"، "Gladiator"، "Oppenheimer"، وحتى "Napoleon"، التي حققت نجاحات باهرة وإيرادات هائلة، مؤكدة على جاذبية هذا النوع السينمائي وقدرته على اجتذاب الجماهير إلى صالات العرض، رغم المنافسة الشديدة.

- السينما: توثيق أم صناعة للواقع؟ -

في الختام، يفرض هذا التفاعل العميق بين الواقع السينمائي والواقع المعيش تساؤلات نقدية: هل تكتفي السينما بتوثيق الواقع المؤلم، أم أنها تسهم في صناعته أو إعادة تشكيله في أذهان المشاهدين؟ وهل أصبح هدفها الأوحد هو تحقيق الإيرادات، أم أنها لا تزال تحمل رسالة أعمق تتجاوز مجرد الترفيه؟ إلى أي مدى تُعد أفلام الحرب مرآة تعكس أهوال الواقع بصدق، وإلى أي مدى هي أداة لإعادة سرد التاريخ بطرق تخدم أغراضاً معينة، أو مجرد وسيلة لإنتاج "الإثارة" التي تبقي شباك التذاكر مشتعلاً؟

 

الكاتبة هي: صحافية وناقدة سينمائيّة، محاضرة مُستقلّة في موضوع السينما كأداة للتّغيير الاجتماعيّ، حاصلة على ماجستير بدرجة امتياز في موضوع "ثقافة السينما" من جامعة حيفا.

×