الأربعاء , 04 يونيو 2025 - 9:43 صباحاً

همسات خجولة أم غياب مُستتر؟ نظرة نقدية لدور النساء الفلسطينيات في إسرائيل في الحراك السلمي

سامية عرموش خلال مشاركتها في مؤتمر دولي

سامية عرموش خلال مشاركتها في مؤتمر دولي

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

كتبت: سامية عرموش

لطالما كانت المرأة، عبر التاريخ والجغرافيا، قوة دافعة للتغيير والسلام. وعند الحديث عن النساء الفلسطينيات في إسرائيل، يتبادر إلى الذهن إمكانية لعبهن دورًا محوريًا في الحراك السلمي، انطلاقًا من موقعهن الفريد وتجربتهن المعيشية المعقدة. لكن، هل يتبلور هذا الدور على أرض الواقع بالقدر المأمول؟ وهل يُسمع صوتهن بوضوح في ساحات المطالبة بالسلام؟
بالنظر إلى المشهد، يبدو أن مساهمة النساء الفلسطينيات في إسرائيل في هذا المجال تتسم بشيء من "الخجل"، إن لم يكن غيابًا نسبيًا عن الواجهة. وهذا لا يعود لقلة الإمكانيات أو الرغبة، بل لجملة من التحديات المتداخلة.


أول هذه التحديات هي أزمة الثقة المتجذرة مع الجانب الإسرائيلي. فبعد عقود من الصراع والاحتلال والتمييز المؤسسي، يصبح بناء جسور من الثقة اللازمة للمشاركة في حراك سلمي مشترك مهمة شاقة. كيف يمكن للمرأة الفلسطينية أن تنخرط بفاعلية في مسعىً يضم طرفًا تعتبره، بحكم الواقع والتجربة، جزءًا من المشكلة؟


ثانيًا، تفرض الأولويات الداخلية للمجتمع العربي في إسرائيل تحديًا آخر. ففي ظل ما يقارب 50% من المجتمع يعيش تحت خط الفقر، وفي مواجهة تصاعد مستويات الجريمة والعنف، تتجه الجهود والطاقات نحو معالجة هذه القضايا الملحة التي تمس حياة الناس اليومية بشكل مباشر. يصبح التركيز على الحراك السلمي، الذي قد يُنظر إليه على أنه ذو أفق زمني أبعد، أقل إلحاحًا في سلم الأولويات.


أما النقطة الأكثر حساسية والتي تستدعي وقفة نقدية، فتتعلق بـ تمثيل بعض الناشطات العربيات. وهنا، لا بد من التأكيد أن الحديث ليس عن الكل، بل عن "البعض"، ولكن تأثيرها قد يكون معيقاً. من خلال تجربتي كصحفية وناشطة سابقة في حركة تعمل في مجال السلام، لمستُ عن قرب سمة "ملكة النحل" التي تتصف بها بعض الناشطات. ميل للتفرد بالصورة والقرار، والعمل بمنأى عن التشبيك الحقيقي والفاعل مع غيرهن من الناشطات أو مع القاعدة الشعبية، يقلل من القدرة على إحداث تغيير حقيقي وملموس. عندما تنشغل بعض الأصوات النسائية بـ "الأنا" بدلًا من "نحن"، وتغيب الرؤية الجماعية، يصبح من الصعب ترجمة الجهود الفردية إلى قوة ضاغطة ومؤثرة قادرة على تمثيل قضايا المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل بشكل شامل.


لا شك أن هناك نساء عربيات فاعلات ومؤمنات بضرورة السلام، يعملن بجد وإخلاص. لكن، يبقى السؤال: هل يتم تضخيم أصوات قليلة لا تعكس بالضرورة هموم وتطلعات الأغلبية؟ وهل يغيب صوت القاعدة الشعبية من النساء اللواتي يعانين يوميًا من تبعات الصراع والتمييز؟


إن تفعيل دور النساء الفلسطينيات في إسرائيل في الحراك السلمي يتطلب معالجة هذه التحديات بجدية. يبدأ الأمر ببناء الثقة داخل المجتمع نفسه، وتحديد الأولويات بشكل يخدم كافة القضايا، وتشجيع التشبيك الحقيقي والعمل الجماعي بين الناشطات، والأهم من ذلك، ضمان أن يكون الصوت المسموع هو صوت يعكس بحق آمال وآلام هذا المجتمع.

 

الكاتبة هي: صحافية وناقدة سينمائيّة، ناشطة ومحاضرة مُستقلّة في موضوع السينما كأداة للتّغيير الاجتماعيّ، حاصلة على ماجستير بدرجة امتياز في موضوع "ثقافة السينما" من جامعة حيفا.

×