الجمعة , 18 أكتوبر 2024 - 9:23 صباحاً

مقالة للناقدة سامية عرموش

"لذة التفرد بجسد المرأة" عنف جنسي وانفلات أخلاقي!

بوسترالفيلم بلطف عن الشبكة

بوسترالفيلم بلطف عن الشبكة

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

كتبت: سامية عرموش

 

أجمع عدد من النقاد السينمائيين على أن مشاهد العنف والتغزل بأجساد النساء باتت من التوابل الأساسية في الصناعات السينمائية الغربية والعربية على السواء، إذ إنها تستقطب الملايين من المشاهدين إلى قاعات السينما محققةً إيرادات بالغة في وقت قياسي. وكانت المخرجة والكاتبة السينمائية والنسوية  لورا مالفي  قد  كتبت حول  موضوع  استغلال جسد المرأة في الصناعات السينمائية، وحللت عدداً من المشاهد الهوليوودية من منظور العالم النفسي سيغموند فرويد، إذ أشارت من خلال دراستها إلى أن السينما قد توفر للرجل مبدأ السيطرة على جسد المرأة، وبذلك تكون قد قدمت حلاً لعقدته وخوفه من النساء وفقاً لنظرية فرويد الجنسية.

فلا عجب في أن يوفر الفن السابع متعاً عديدة منها تعزيز وهْم العُزلة التلصّصية، فيحدق المشاهد بالجسد الذي ينعكس أمامه، وكأنه ملكه الخاص وتحت سيطرته التامة، ليشبع بذلك غريزته الجنسية. فعادة  ما يفترض صناع الفيلم أن المتفرج هو رجل/ ذكر، فيقدمون له أجساد النساء من خلال مشاهد عديدة، تمكنه من التحديق بها وتفحصها على مهل! وهذا ما التفتت إليه مالفي، ونعتته بالنظرة الذكورية المتفحصة.

واستناداً إلى دراستها الحيوية جداً، والتي تعتبر دليلاً للقراءات السينمائية، فإن السينما المصرية المُلقبة بهوليوود الشرق مليئة بالمضامين الجنسية والعنيفة المختلفة، وغير الموظفة فنياً في أغلب الحالات، والتي يصعب فهمها وفهم حاجتها، سوى إرضاء تلك اللذة.. لذة السيطرة على أجساد النساء!

فرأينا المخرج خالد يوسف يختار أن يفتتح مشهد أغنية "حلاوة روح" من فيلمه "دكان شحاتة" (2009) بتصوير بطيء، مبتذل ومستفز، يتغزل بجسد المغنية اللبنانية هيفاء وهبي، وسط تفحص وترقب ودهشة الحضور المثيرة للاشمئزاز والتقزز.

و قد حصد "برومو" الفيلم، الذي اشتمل على لقطات من هذا الكليب خلال شهر من بثه، على 10 ملايين مشاهدة، مما أثار حفيظة أقلام نظيفة عديدة في مصر انتقدته على وجه الخصوص وانتقدت الفيلم بشكل عام فيما بعد.  برز من بينها مقال للكاتب علاء الأسواني ، نشر في " The New York Times", (2014), تحت العنوان : " Dirty Dancing in Egyp ".

وأشار الأسواني من خلال مقالته التي استعرضت نماذج للرقص الشرقي خلال تاريخ مصر الاستعراضي، ابتداءً من تحية كاريوكا، مروراً بتأثر الرقص في الحقبات السياسية المختلفة، واخيراً الانحدار الذي يشهده هذا المجال، والذي يعتمد على الإثارة، مشيراً إلى مشاهد الرقص في مشهدي/كليب "حلاوة روح" وكليب مشابه للراقصة روسية الأصل صافيناز.

واختتم الأسواني مقالته، بأنه يتطلع إلى مصر جديدة يتطور فيها الرقص الشرقي إلى شكل فني دون دلالات سلوكية غير أخلاقية والتي لا تزال تحيط به اليوم.

وبعيداً عن هذا الفيلم، أفادت مصادر مصرية عديدة إلى تعرض النساء لتحرشات جنسية في صالات العرض السينمائية! ويبقى السؤال: هل تعتبر هذه السينما الهابطة مرآة لواقع هابط؟ كتدني الأخلاق وتدني الذوق العام؟ إنها إملاءات منتج همه الوحيد استغلال "لذة التفرد" لاستقطاب الشباب إلى شباك التذاكر، ضارباً عرض الحائط بالسلوكيات الخطيرة والشاذة التي جعلت مصر تتصدر إحصائيات التحرشات الجنسية!

 

الكاتبة هي: صحافية وناقدة سينمائيّة، محاضرة مُستقلّة في موضوع السينما كأداة للتّغيير الاجتماعيّ، حاصلة على ماجستير بدرجة امتياز في موضوع "ثقافة السينما" من جامعة حيفا.

×