اتّسم المناخ الثقافي في مصر على مر العقود المتعاقبة بحراك ثقافي صاخب
الأزياء في السينما المصرية بين التأثير والتأثر
كتبت: سامية عرموش
تعتبر الأزياء في السينما، عنصرا حيوياً من عناصر القصة، وجزءاً لا يتجزأ من الشخصية، إذ إن بإمكانها تنميط وتأطير الشخصية، وتحديد هويتها.
فاللباس من العوامل الحيوية التي تحدد البعد الزمني أو التاريخي أو الدرامي للعمل السينمائي. لذا فقد اهتم صناع السينما بتطوير هذا المجال، فاختيارات الألبسة ليست عبثية إطلاقاً، فخلف كل تصميم فكرة ورسالة، تُحقَّق بالتوظيف الفني الصحيح.
وتعتبر السينما مصدراً لإلهام المصممين، إذ إن السينما لعبت دوراً في تصدير الأزياء إلى الشارع، والتأثير في خطوط الموضة، وليس فقط العمل على نقلها من الشارع إلى الشاشة.
فالعلاقة التبادلية بين السينما والموضة وطيدة.
فعلى سبيل المثال، أثرت السينما المصرية في تصدير الأزياء على مدار أربعة عقود، وتحديداً ما بين ثلاثينيات وسبعينيات القرن الماضي. وذلك بفضل التطورات الاجتماعية، الثقافية، الاقتصادية والبنيوية التي شهدتها مصر في عقود سالفة.
فقد شهدت "باريس على ضفاف النيل"، كما أطلق عليها الخديوي إسماعيل، افتتاحاً لأحد أكبر مراكز الملابس في العالم العربي، وهو جراند ماجازان شيكوريل المجاور لقصر الأوبرا.
ويعتبر جراند ماجازان شيكوريل أول محل يؤسسه الفرنسي موينيو شيكوريل عام 1908م ليكون أكبر وأهم محل أزياء في العالم العربي، وقد اهتم هذا المحل بتنظيم عروض للأزياء.
أضف إلى هذا اتّسم المناخ الثقافي في مصر على مر العقود المتعاقبة بحراك ثقافي صاخب، ابتداءً من المسرح والعروض الموسيقية والغنائية، واستمراراً بالمشهد الأدبي والصحافي، السينمائي، الأزياء وبعد. إذ اشتهر شارع عماد الدين بشارع الفن، نظراً إلى احتضانه أكثر من 15 مسرحاً و6 دور للسينما، وعدداً من الملاهي الليلية التي قدمت عروضاً استعراضية وغنائية.
ففي ظل هذا الحراك، تأثرت السينما وأثرت. وقد كان عدد من المصممين ينتظر إطلالات النجمات من خلال أعمالهن السينمائية، كإطلالات ملكة الإغراء، هند رستم، المُلقبة بمارلين مونرو الشرق والتي تميزت فساتينها بالجرأة، وخدمت أدوارها الجريئة كذلك.
أما إطلالات سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة فقد تميزت بالاحتشام، إذ أظهرت أنوثتها وبراءتها بأسلوب بسيط غير مُتكلف، وساهمت في رسم ملامح شخصية الفتاة البريئة التي اتصفت بها.
هذا وتميزت إطلالات أميرة الجبل، آمال الأطرش، الملقبة بأسمهان، بالأناقة الكلاسيكية، وقد اهتمت باختيار ملابسها، إكسسواراتها وتصفيفات شعرها، بما يتناسب مع شخصيتها.
وقد ارتدت خلال فيلمها الثاني والأخير "غرام وانتقام" (1944)، عدداً من الفساتين المميزة، والتي تركت أثراً كبيراً في الشارع المصري.
وأخيراً، تألقت الفنانة صباح بعدة تنسيقات، إذ عُرفت بهوسها للأزياء المميزة، ولعل أبرز ما علق في ذاكرة السينما كان "فستان الانتقام" من فيلم "شارع الحب"، الذي مثلته أمام العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ.
الكاتبة هي: صحافية وناقدة سينمائيّة، محاضرة مُستقلّة في موضوع السينما كأداة للتّغيير الاجتماعيّ، حاصلة على ماجستير بدرجة امتياز في موضوع "ثقافة السينما" من جامعة حيفا.