الثلاثاء , 10 يونيو 2025 - 7:59 صباحاً

تحولت الكوفية على مر العقود من رمز للقومية الفلسطينية إلى رمز للنضال من أجل إقامة دولة فلسطينية

سامية عرموش : هل يكتسب القماش أهمية سياسية في الحرب؟

سامية عرموش - تصوير: محمد فاعور

سامية عرموش - تصوير: محمد فاعور

طباعة تكبير الخط تصغير الخط

كتبت: سامية عرموش

لطالما كانت الأزياء مرآة تعكس الأحداث العالمية الكبرى، فالحروب والأوبئة تترك بصماتها العميقة على المجتمع، وتُحدث تحولات جذرية تستمر لعقود. فمنذ الحرب العالمية الأولى، شهد عالم الموضة تغيرات لافتة، حين اضطرت النساء للتخلي عن ملابسهن التقليدية وارتداء "بنطلونات" أزواجهن قسرًا.

فبينما انشغل الرجال في ميادين القتال، تولت النساء مسؤولية العمل في المصانع والمزارع وغيرها، وهو ما أثر في مكانة المرأة وأحدث تغييرات جوهرية في دورها وشكلها لاحقًا.

وشهد عالم الموضة منعطفًا حادًا آخر خلال حرب فيتنام، حيث بدأ تأثير هذه الحرب يظهر في المجتمع الأمريكي خلال الستينيات، وامتد ليشمل جوانب متعددة تحت مظلة حركة "الهيبيز". تميزت أزياء أتباع هذا الفكر، رجالًا ونساءً، بالقصات الفضفاضة والألوان الزاهية، كما شاع بين الشباب إطالة الشعر والسوالف كرمز لمناهضتهم للمظهر العسكري التقليدي ذي الشعر القصير والملابس المنظمة.

وفي العصر الحديث، تركت جائحة كورونا (2020) بصمتها على طريقة لباسنا، نتيجة لفترات العزلة الطويلة في المنازل والقيود على الحركة العامة، بالإضافة إلى الكمامة الواقية التي أصبحت جزءًا من إطلالتنا لفترة طويلة. وقد استغل بعض المصممين هذه الظروف للترويج لتصاميم كمامات مبتكرة. وكنت قد تناولت هذا الموضوع في مقال مطول بعنوان "كمامات كورونا لا تكمم الأفواه" في صحيفة المدينة الحيفاوية بتاريخ 12 حزيران 2020، مستعرضًا الاستخدامات المتعددة للكمامة بين الاحتجاج والتعبير الفني والإكسسوار.

وبالحديث عن الاحتجاج، وكما نقول في لهجتنا العامية، "وعلى سيرة" ذلك، ننتقل من الكمامة الطبية التي غطت وجوهنا خوفًا من العدوى إلى الكوفية الفلسطينية التي تجتاح الشوارع العربية والغربية، خاصة في المظاهرات الداعمة لأهالي غزة. فقد تحولت الكوفية عبر العقود من مجرد رمز للقومية الفلسطينية إلى أيقونة للنضال من أجل إقامة دولة فلسطينية.

وقد أوضحت مؤرخة التصاميم آنو لينجالا لرويترز أن "القماش اكتسب أهمية سياسية لأول مرة مع الثورة التي استمرت بين عامي 1936 و1939 ضد الحكم البريطاني عندما غطى مقاتلون ريفيون وجوههم بها"، مضيفة أنه كان يعكس "مقاومة موحدة". كما أشار الشاعر رامي العاشق إلى أن "ما كان يستخدم لتغطية هوية المتمردين المناهضين للاستعمار البريطاني أصبح الآن رمزًا لإظهار هذه الهوية" (موقع مونت كارلو، ديسمبر 2023).

أما الحملة الإعلانية الأخيرة لشركة زارا Zara، التي تضمنت صورًا لعارضة أزياء وسط الأنقاض وأخرى تحمل جسدًا مكفنًا، والتي أثارت استياء واحتجاج الملايين في العالم العربي ودعوات لمقاطعتها، فهي دليل آخر على التأثير المباشر والعلاقة الوثيقة بين الموضة والحروب.

الكاتبة هيصحافية وناقدة سينمائيّة، محاضرة مُستقلّة في موضوع السينما كأداة للتّغيير الاجتماعيّ، حاصلة على ماجستير بدرجة امتياز في موضوع "ثقافة السينما" من جامعة حيفا 

×